يبدو أنّ الذي يهدّد الكتاب ويدفع عددًا متزايدًا من الناس في العالم إلى الإعراض عن تصفّحه وقراءة ما ورد بين دفّتيه هما الصورة والصوت أي ما يُشاهَد وما يُسمَع، وهما يسودان بلا منازع على عقول الناس ويحكمانها. في صدد هذا الأمر، يقول المفكّر غي ديبور في ما دعاه ” مجتمع المشاهدة “ la société du spectacle (١٩٦٧) إنّ ما يراه ويسمعه أحدنا في هذه الأيّام يسلب منه عقله بحيث يحول دون قيامه بجهد ذهنيّ يمكّنه من تناول أيّ موضوع بالتفكّر. وقد أعلن ديبور إثر ذلك ” موت مَلَكَة التفكّر “ عند الإنسان المعاصر. الواقع أنّ الناس درجت، ربّما، على إعمال حاسّتي البصر والسمع من دون البصيرة. وكان قد ورد في الفصل الأوّل من الميتافيزيقا عند أرسطو : ” إنّا نفضّل البصر على أيّ أمر “. فما الأثر الذي يتركه ما يُرى ويُسمَع في إنسان اليوم ؟